لحظات العمر الثمينة- بين عفوية اللحظة وحكمة النضوج

المؤلف: ريهام زامكه09.02.2025
لحظات العمر الثمينة- بين عفوية اللحظة وحكمة النضوج

‏(11 pm):

(يا له من زمن عجيب! نلهث وراءه ظنًا منا أننا سنقبض عليه، غافلين عن حقيقة أنه هو من يملك زمام أمورنا).

نضع الخطط، ونُطلق التوقعات، ونرسم الأحلام الوردية، ونجتهد، لكن سرعان ما نذهل حين نكتشف أن الأيام قد عبثت بنا كيفما شاءت، لا كما أردنا نحن.

ولعلنا ندرك في وقت متأخر أن أجمل اللحظات التي مررنا بها كانت في غاية البساطة والعادية حين عشناها، ولكن مع تقادم الأيام، غدت أثمن ما في العمر وأروعه.

«همسة ضحكة قديمة تُعيد الذكريات، بريق عين حنونة، لمسة يد دافئة، حضن يملأه الحنان، رشفة قهوة بصحبة الأحبة، رسالة عابرة تحمل معاني عميقة، لقاء سماوي جمع بين روحين».

‏(11:20 pm):

(لقد بلغنا النضج حين توقفنا عن مشاركة تفاصيل حياتنا مع كل من حولنا).

صرنا نختار لغة الصمت في الكثير من المواقف بدلًا من الإسهاب في الشرح والتبرير، وآثرنا التسامح الجميل على العتب المرهق، والتجاهل الحكيم على المواجهة الصدامية، نضجنا حين استوعبنا أن بعض الأمور لا تستدعي إبداء الرأي، وأن بعض العلاقات لا تستحق عناء المقاومة، وأن بعض التجارب ما هي إلا دروس وعبر نستفيد منها، وأن بعض الخسائر قد تحمل في طياتها مكاسب خفية.

‏(11:40 pm):

(إن أجمل اللحظات في هذه الحياة لا تُصنع افتعالًا، بل تُعاش بكل جوارحنا وتفاصيلنا).

كتلك اللقاءات العفوية التي لم نضع لها تخطيطًا مسبقًا، والأشخاص الرائعين الذين أشرقت أرواحهم في حياتنا دون سابق إنذار، والكلمات الصادقة التي قيلت في لحظة تجلٍّ وصفاء، وهكذا تتجلى أروع لحظات العمر نقية، صافية، بهية، بعيدة عن التكلف والتصنع والترتيبات المادية.

‏(11:50 pm):

(بعض الأيام لا نعيشها لكي تسعدنا، بل لكي تعلمنا دروسًا قاسية ومهمة).

قد تمر عليك أيام مُثقلة بخيبات الأمل والفشل لكي تتبين لك معادن البشر، وتعرف من يستحق أن يظل متربعًا في قلبك، ومن يجب عليك أن تستبعده من دائرة علاقاتك واهتماماتك.

وكلما تراءى لك أنها النهاية المحتومة، تذكر جيدًا أنها ليست سوى بداية جديدة لحياة أكثر إشراقًا وجمالًا، بعيدة كل البعد عن أصحاب الوجوه الكاذبة والأقنعة الزائفة.

‏(12:00 am):

وعلى أية حال؛ يمضي قطار الوقت مسرعًا، وتنقضي معه أيام العمر.

لذا طهر قلبك من الشوائب، وعش لحظاتك بكل ما فيها من بهجة، واحتضن أفراحك بكل ما تملك من قوة، وكن دائمًا مع من يشبهك في الروح والطباع، وتمسك بمن يفرح لفرحك، لا بمن يتحملك على مضض.

ولأن الدوام في هذه الدنيا ضرب من المحال، فإذا اشتدت عليك الصعاب في لحظة ما، تذكر دائمًا أن كل شيء فانٍ وزائل، وأنك يا صديقي سوف تنجو دائمًا بطريقة أو بأخرى، وسوف تتبدل الأحوال إلى الأفضل حتمًا.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة